الجمعة، 2 أكتوبر 2015

رسالة من العبد الفقير كارل ساغان إلى الآلهة


منذ عدة عقود و البعض يجرى محاولات حثيثة فى البحث عن حضارة ذكية خارج الأرض فيما يعرف بمشروع SETI و وجود كائنات فضائية هو احتمال عقلى  ممكن لكن صرف المليارات على هذا الأمر و تبنى كثير من العلماء التجريبيين (خاصة الملاحدة منهم) لهذا الأمر هو شيء غريب خصوصا أن المقاييس التى يعتمدونها فى هذا المجال فى التعامل مع الإشارات المستقبلة أو المرسلة تضع إلحادهم فى مأزق كبير حيث أنهم يتعاملون مع الوعى والذكاء و التصميم على أنه شيء قابل للرصد و المشاهدة باعتبار آثاره المميزه له و لا يعد فى هذه الحالة علما زائفا كما هى عادة هؤلاء فى التعامل مع التصميم الظاهر فى الكائنات الحية "غير الفضائية"  
حسنا لا بأس فليس هذا هو موضوعنا ولكن إذا كنا جادين فى البحث عن كائنات فضائية ذكية فكيف سنتواصل معهم ؟ 
هناك عدة طرق اتبعها العاملون فى هذا المجال منها استخدام حقائق رياضية و علمية فى التواصل مع هؤلاء لأنهم لو كانوا حضارة متقدمة فلابد أنهم علموا هذه العلوم  عن الكون و المنطق وبالتالى فسيعلمون أن مرسلها حضارة ذكية أخرى و هناك من استخدم موجات راديو تحمل ترددات موسيقية و غير ذلك من الأشياء التى ينبغى لأى حضارة أن تفهم دلالتها على الذكاء 
لكن ما رأيكم فى أن نرسل إليهم الصليب المعقوف علامة النازية مثلا ؟؟ 
لا شك أن هذه حماقة لأنهم لو استطاعوا فك الشفرة على الوجه الصحيح فلن  يعنى لهم هذا الرمز أى معنى لأن هذا شيء خاص بتاريخنا على الأرض و لا معنى له عند غيرنا .
فما رأيكم فى أن نرسل لهم الأعداد الذرية للعناصر التى تكون حمضنا الوراثى و شكل الترابطات الكيميائية التى تكون النيوكليتيدات وعدد النيكلوتيدات فى الدى ان ايه و الشكل الحلزونى لشريطى الدى ان ايه و شكل الإنسان الخارجى ؟ 

هذا أيضا حمق لأن هذه التركيبات أيضا خاصة بنا و ليس لها مدلول خارج أرضنا و أنى لهم بمعرفة تركيبنا الوراثى !!  إلا إذا كانت الكائنات الفضائية تكونت بنفس الطريقة عن طريق الدى ان ايه أو شيء مشابه جدا له و هذا فرض أعجب من فرض وجود الكائنات الفضائية نفسه لأننا لا نعلم كيف نشأت الحياة على الأرض و لا نعلم أسباب ذلك لكى نقيس عليه غيرنا أو نعممه أو نجزم بأنها الطريقة الوحيدة لنشوء الحياة فى هذا الكون بأسره 

لكن ساجان فعل ذلك بالفعل عام 1974 فيما يعرف برسالة أريسيبو Arecibo message 




 فلماذا فعل ساغان هذا ؟

 هناك احتمال قد يكون هو الذى دفع ساجان إلى هذا الإختيار وهو ما يعرف باسم فرضية الغرباء القدماء ancient alien hypothesis  أو Ancient astronaut hypothesis و هو اعتقاد أن هناك كائنات فضائية زارت العالم فى الماضى السحيق و هذه الكائنات تنتمى لحضارة متقدمة جدا بالنسبة للحضارة الإنسانية وقد (خلقوا) الإنسان لغرض خدمتهم أو ما شابه ذلك و قد تركوا لنا بعض الآثار التى تحولت مع مرور الزمن إلى مفهوم الآلهة عند البشر واعتقدوا ألوهية تلك الكائنات ونشأت بذلك فكرة الأديان الوثنية ثم تطورت إلى التوحيد .
فهؤلاء القادمون من الفضاء أو الأنوناكى كما تسميهم الحضارة السومرية القديمة هم من خلقوا آدم وحواء لغرض الخدمة وقد تولى هذا العمل إنكى كما تقول الأسطورة وهو أحد أبناء ماردوخ ملك هؤلاء القوم الذى يسكن كوكب نيبرو فلا شك أن الأنوناكى  مثلا إذا استلموا رسالة ساغان سيعرفون جيدا مصدرها وسيفهمون محتواها لأنهم يعرفون جيدا ما هو الدى ان ايه الذى صنعونا منه  !! 

لكن هذا المعتقد "اللادينى" يضرب بالتطور عرض الحائط لأن الحياة على الأرض وفق هذا المعتقد قد تم تصميمها و لم تنشأ بآليات مادية و لم تتطور الكائنات بعضها من بعض و لم تأخذ ملايين السنين فلا يمكن التوفيق بين المعتقدين فضلا عن كون هذا يفتح السؤال مجددا من الذى أوجد هذه الكائنات الفضائية أم أن عندهم نظرية التطور الخاصة بهم هم أيضا و التى سيكتشفون فى يوم من الأيام أنها خاطئة و أن سلاحف النينجا هم من خلقوا الأنوناكى أو غيرهم من الكائنات المزعومة ؟؟!! 

هذه العقيدة لها دعاتها أمثال Immanuel Velikovsky و Erich Von Daniken و Zecharia Sitchin (وهذا الأخير هو المختص بموضوع الأنوناكى ) و هؤلاء  يستشهدون بالأشكال المتطورة التى نحتت على آثار الحضارات القديمة  أمثال الطائرات الهليكوبتر و الرجال الذين يرتدون ملابس رواد فضاء و صعوبة بناء بعض الآثار و يستشهدون بالأساطير التى دونت على الألواح السومرية و غيرها و هناك انتقادات كثيرة لرواد هذه العقيدة مثل التلفيق فى البيانات و التزوير فى الترجمة إلى غير ذلك الكثير
هنا و هنا  و هنا و هنا

ولذلك فتلك العقيدة تعتبر علما زائفا كما بين هذا الكتاب وهذا أيضا 

و الحقيقة أن ساغان كان يصرح بعدم موافقة إريك دانكين و إيمنويل (و قد لحق بهم زكريا سيتشن  فى أواخر السبعينيات) على ادعاءاتهم  و يشدد  على أن هذه الفرضية لا يمكن التحقق منها بشكل علمى و أن احتمال زيارة الكائنات الفضائية للبشر فى الماضى أو فى المستقبل هو احتمال ضعيف  و مستبعد لكن "أظن" أنه بداخله كان يميل لشىء من هذه الأساطير و لكنه لم يقدر على التصريح بذلك 

لا أجزم فى الحقيقة بشيء فى هذا الأمر لكن لا أظن أن ساغان كان بوسعه التصريح بالميل لهذا المعتقد ولا أرى أى معنى لإرسال معلومات حامضنا الوراثى للكائنات الفضائية سوى أننا نخاطبهم بما يعلمونه مسبقا 
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate